العمل التطوعي في فلسطين
بقلم الأستاذ بلال سلامة
انطلاقاً من المحبة والانتماء للأوطان والمجتمعات وانسجاماً مع الأخلاق الكريمة والقيم الحميدة والشرائع السماوية ينطلق أصحاب الهمم العالية والروح المبادرة لتقديم خدمة تطوعية لمجتمعاتهم، وخاصة للفئات الأقل حظاً أو الاهتمام بالشأن العام مثل البيئة والتغير المناخي وغيرها على أمل جعل حياة الناس الجماعية أكثر صحةً ووصولاً إلى جعل كوكب الأرض أكثر أمناً وسلاماً وبما يحفظ جودة الحياة حالياً وللأجيال المقبلة.
فإذا كان الاهتمام بالقيم التطوعية قد أخذ حيزاً عالمياً فإننا في فلسطين بحاجة أكبر إلى جهود ورؤى تطوعية مضاعفة نظراً للتحديات السياسية وتغول الاحتلال ومستوطناته بالإضرار بالانسانية والبيئة، مما يجعلنا من ناحية شركاء الإنسانية في التصدي للتحول المناخي وسلامة كوكب الأرض، ومن ناحية ثانية التصدي للسياسات الاحتلالية التي تخرب البيئة وتعتدي على حق الانسان في الحرية والكرامة.
التطوع قيمة عليا، ودلالة على عمق الرؤية لدى الانسان الذي يؤمن أن الحياة الجماعية تتطلب منه الاهتمام والمساهمة في الشأن العام، مثل النظافة والتخضير وتقليل التلوث، وتقديم خدمات الإسناد والرعاية للفئات الأقل حظاً مثل الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة ويمكن لكل مهتم أن يجد مساحة مناسبة لتطوعه وإسهامه في رعاية شوؤن مجتمعه المحلي، سواء عبر الجهد البدني، أو الفكري أو التبرع ببعض المال أو المشاركة بالأنشطة بشكل أو بأخر .
إن المشاركة بهكذا أعمال ستعود على المتطوع أيضاً بفوائد جمة، منها زيادة الخبرة، تكوين شبكة علاقات وصداقات جديدة وإحساس بالسعادة عندما يقدم خدمة لمحتاج أو يساهم في رفع ضرر أو تخفيف ألم، إضافة إلى القناعة بالقيم الحميدة والرسالات السماوية التي تحث دوماً على رعاية الانسان لأخيه الانسان والحرص على البيئة المادية التي يعيش بها الناس لتشكل أفضل مستوى من جودة الحياة.
إن شكوت يوماً أن الحي غير نظيف أو شاهدت الدخان يتصاعد من أثر الحرائق، و تعثرت في عوائق ملقاة على الرصيف فلا يكفي منك التذمر أو الشكوى لسوء الحال أو التفكير بالهجرة الى مكان أفضل، المطلوب أن ننتبه ونعمل على المساهمة وكل منا بما يستطيع لإصلاح ما ينغص عيشنا، والتطوع هو الوسيلة التي تتيح للطاقة المجتمعية أن تنتظم فتصبح قوة خلاقة تغير الحياة الى الأفضل .
تخيل لو أن 100 متطوع زرع كل منهم عشرة أشجار فسيكون هناك غابة صغيرة من ألف شجرة في ساعات محدودة. تخيل لو أن كل مواطن تبرع بساعة عمل أسبوعياً أو ديناراً واحداً شهرياً لكان بمقدورنا تخضير البلاد خلال أسابيع، وايجاد تمويل لكل احتياجاتنا ولاصبحت المدرسة والمشفى والحي والطريق في أفضل حالاتها .
التطوع كنز وقيمة وأداة فبادر أن تكون من أهل الهمم.
نبذة عن الأستاذ بلال سلامة
فلسطيني الهوية، مدير مركز الخدمة المجتمعية في جامعة النجاح الوطنية وناشط مجتمعي. حصل على شهادة الماجستير في العمل المجتمعي من جامعة McGill في كندا
له العديد من الإسهامات المجتمعية والتي تركت بصمة وأثراً واضحاّ في المجتمع وحتى على مستوى مؤسسات المجتمع المدني والطلبة في الجامعة
No comments yet.