القيم والدوافع والحوافز في العمل التطوعي

برؤية الدكتور سامي الكيلاني

يستند العمل التطوعي وروح التطوع التي تقف خلفه إلى قيم ومبادئ إنسانية عامة اعتبرها الإعلان العالمي للحركة التطوعية امتداداً لمواثيق حقوق الإنسان، وقد اعتبر الإعلانُ العملَ التطوعي”قوة خلاّقة وقادرة على: احترام كرامة جميع الأفراد والاعتراف بحقهم في تنظيم حياتهم الخاصة وممارسة حقوقهم كمواطنين، والمساعدة في حل المشاكل الاجتماعية والبيئية، وبناء مجتمع إنساني أكثر عدالة عن طريق مد وتوسيع التعاون العالمي” (مركز الخدمة المجتمعية، 2006: 13).  وفي إطار العمل التطوعي تتجسد علاقة دينامية بين القيم كمرتكز أساسي للفكرة التطوعية، والدوافع كمنتج داخلي لهذه القيم، والحوافز التي يتوقعها المتطوع من المؤسسة أو الجهة التي يتطوع لديها كتعبير خارجي لهذه الدوافع، سواء أكان هذا التعبير مادياً أم معنوياً. وينبغي في إدارة العمل التطوعي إدراك العلاقة الدينامية الجدلية بين هذه العوامل الثلاثة وتأثيرها في الجهد التطوعي المبذول، فهذه العلاقة تقتضي عدم تضخيم قيمة أي من العوامل الثلاث على حساب غيره. وغياب التوازن بين قيمة كل من هذه العمل نراه عادة في الممارسة العملية أثناء التوجه لاستقطاب المتطوعين في المؤسسات التي تفتقر إلى إدارة مهنية للعمل التطوعي. فيجري أحياناً الاعتماد على القيم والدوافع المثالية بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى نسيان الحاجات المادية للمتطوع، وفي المقابل يجري أحياناً المبالغة في إظهار الدوافع المادية والمعنوية الظاهرة دون الاعتناء بالعمل على تنمية القيم والاتجاهات الإيجابية التي تعطي العمل التطوعي قيمته الإنسانية. لكل من هذين التطرفين في الاهتمام بأحد عوامل التطوع الثلاث هذه آثاره السلبية على العمل التطوعي.

يؤدي الاعتماد على القيم والدوافع المثالية لوحدها إلى انحسار دائرة المتطوعين وانعدام قدرة المؤسسة على امتلاك أداة محسوسة تمكنها من الوصول إلى هذه الدائرة مما يؤدي إلى مزيد من الانحسار لها. أما الاعتماد المبالغ على الدوافع والحوافز المادية دون وجود قاعدة من القيم والمبادئ ودون العمل على تنمية هذه القاعدة فإنه يؤدي إلى موسمية العمل التطوعي، وإلى غياب الشعور بالانتماء للعمل أو الجهد المطلوب، وإلى غياب المشاركة الفعالة التي تؤدي إلى الاستدامة والشعور بملكية الفكرة أو المخرج المادي العام. إن هذا الربط بين الدوافع والحوافز وارتكازها على قاعدة من القيم والمبادئ هو الترجمة الواقعية لتعدد مستويات هرم الحاجات الإنسانية كما عبر عنها ماسلو (VBM, 1999, workshop 5: 5).

يشكل التفكير بدوافع المتطوعين على قاعدة تنوع هذه الدوافع ضمانة لاتساع دائرة التطوع التي نستمد منها الموارد التطوعية، ويشمل هذا الاتساع البعدين الكمي والنوعي. وتتنوع تفاصيل اتساع هذه الدائرة بتنوع البيئات والثقافات التي نعمل فيها كمؤسسات تستهدف تجنيد المتطوعين واستثمار طاقاتهم بما يخدم برامجها وضمان استدامة هذا المورد البشري المهم. وعند النظر إلى قائمة الأسباب التي تجعل المتطوعين يقبلون على التطوع فإنه يتضح كم من الأسباب نهملها أو نستصغر أثرها دون مبرر، وهي قائمة قابلة لأن تطول. ومن البديهي أن نقول أن الاهتمام بأسباب التطوع ودوافعه يشكل توأماً للاهتمام بقائمة أخرى لا تقل أهمية عنها في إدارة العمل التطوعي هي قائمة أسباب العزوف عن العمل التطوعي.

فيما يلي 49 دافعاً للتطوع، والتي أُخذت من تجارب أعداد كبيرة من المتطوعين:
  1. الشعور بحاجة الآخرين لي
  2. تقاسم مهارة
  3. معرفة مجتمع محلي معين
  4. مساعدة شخص ما
  5.  لأن أحد أفراد العائلة أو أحد الأصدقاء تطوع
  6. لاكتساب مهارات قيادية
  7. للاستمتاع
  8. للقيام بخدمة مدنية
  9. للاختلاط بأناس يختلفون عني
  10. لإشغال نفسي بدل الفراغ
  11. لأن المؤسسة مفتوحة بسهولة للناس
  12. لعمل شيء مع صديق أو فرد من العائلة
  13. لملء فراغ
  14. للتأكد من أن الموارد توجه نحو مكانها الصحيح
  15. من أجل التميّز
  16. لعمل أصدقاء جدد
  17. لاستكشاف مهنة للمستقبل
  18. لإظهار التزام بقضية أو معتقد
  19. لمساعدة أحد أفراد العائلة
  20. كعلاج لأزمة
  21. لعمل شيء مختلف عن عملي اليومي
  22. للتسلية
  23. لأسباب دينية
  24. لتفادي فقدان مهارات
  25. لسداد دين
  26. لإيجاد مبرر لعمل شيء أحبه
  27. لوضع المهارات المهنية في خدمة الغير
  28. لممارسة النقد من الداخل
  29. لأنه لا يتوفر أي شخص آخر للقيام بالعمل
  30. لضمان التقدم
  31. لأشعر بالارتياح
  32. لأستطيع التأثير
  33. لأكون عضواً في فريق
  34. لتعلم شيء جديد
  35. لاكتساب مكانة
  36. للتحرر من رتابة برامج العمل
  37. لأنه طلب مني
  38. لاختبار نفسي وقدراتي
  39. للهروب من مشكلة
  40. لأصبح منتمياً للمؤسسة
  41. لأكون عامل تغيير
  42. بسبب الخبرة الشخصية في قضية أو مشكلة
  43. لوجود اهتمام / مصلحة مع مجموعة معينة من المستفيدين من الخدمة
  44. للشعور بالتحدي
  45. لتجربة طرق جديدة لعمل شيء ما
  46. كبديل للتبرع بالنقود
  47. لأكون قادراً على مراقبة ما يجري
  48. للشعور بالفخر
  49. لأكون بين المعدودين في هذا المجال.

 

 

مؤلف المقال: الدكتور سامي الكيلاني

نبذة عن دكتور سامي الكيلاني

فلسطيني الهوية، كاتب وأكاديمي وناشط مجتمعي. حصل على شهادة الدكتوراة في العمل الاجتماعي وحقوق الإنسان، ليكون محاضراً نيراً يثري بعلمه ومعارف طلبته في جماعة النجاح الوطنية على مدار عقود من الزمن. شغل عدة مناصب منها مساعد رئيس جامعة النجاح الوطنية للشؤون المجتمعية، ومدير مركز خدمة المجتمع التابع للجامعة . وله العديد من المؤلفات الأدبية والشعرية